عاقبة
دائما ما كانا يواظبان على نزهتهم في صيد البراري، تربطهما علاقة صداقة منذ الصّغر..فكثيرا ما يكون حظ أحدهما أوفر من الآخر..وتستمر الأيام ويكبر الغلُّ ويستشري في نفس قليل الرّزق وتتكون لديه هالة من الكره والبغض نتيجة الحسد وقلّة الإيمان والقناعة بما قسّم الله. وفي آخر مرّة اصطحبا فيها قرّر أن يضع حدّا لحياة رفيقه فقال له أتدري ما يخامرني ةيدور الآن بخلدي، إنّي عزمت على قتلك في هذه البرِّية التي ليس فيها إنس ولا جنُُّ وينتهي أمرك هنا إلى الأبد، أجابه الآخر كيف تفعل ذلك وأنا صديق العمر، ومالك الملك يرعاني وإن أقدمت ونفّذت فعلتك، يفضحك عند ملكك...فقهقه مستخفا بكلامه مستهزءا، كيف ونحن في خلاء لا رقيب ولا حسيب، انقظ عليه أخيرا فقتله شرّ قتلة، قطع رأسه، ثم وضعه في كيس وذفنه في جحر داخل كهف بعيد عن المضارب.
مرت السّنين تلو السّنين، علا ذاكرة الرجل غبار النسيان، وما كان منه إلّا ان اشتاق إلى الصّيد، توجّه إلى مكان جريمته، استرجع الذكريات، تملّكه الخوف والفضول في آن واحد، تشجع ودخل المغارة فوجد عنقودا نتدلية من العنب فتبدد خوفه...
أخذها فرحا مسرورا يتملّكه العجب والدّهشة من أمر ثمرة العنب التي ظهرت بغير موسمها، متوجها إلى قصر الملك حاملا هدية ثمينة إليه فأخبره بأمرها ففرح الملك وقال له هاتِ هديتك التي لا تقدر بثمن..فتح المجرم القاتل كيسه وإذا برأس صديق يسقط غارقا في دمائه المهدورة.
أمر الملك الحرّاس باعتقال الخائن وأدرك أخيرا كنه الكلام الذي ردده المقتول قبل موته...
تشبّثْ بالقناعة يا بني آدم فإنّ الله يمهل ولا يهمل..ولا تكن من الخائنين فتنقلب عليك كفة أعمالك.
عبدالله أيت أحمد/ المغرب
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire